يقوم الممثل الأميركي توم كروز بالتفاوض مع مديري استوديوهات هوليود في محاولة للتوصل لاتفاق بشأن الأزمة القائمة بين كتاب السيناريو والممثلين من جهة واستوديوهات هوليود من جهة أخرى، حيث تشهد هوليود حركة احتجاجية مزدوجة لم يسبق لها مثيل منذ عام 1960.
والخميس الماضي، صوّت قادة اتحاد الممثلين في هوليود للانضمام إلى كتّاب السيناريو في أول إضراب مشترك منذ أكثر من 6 عقود.
يطالب الممثلون وكتّاب السيناريو بتحسين رواتبهم التي باتت متدنية جدا في عصر البث التدفقي.
كذلك يسعون إلى الحصول على ضمانات تحول دون استخدام برامج الذكاء الاصطناعي سواء لكتابة نصوص السيناريو للأعمال، أو لاستنساخ أصواتهم وصورهم. ويشكل إضراب الممثلين ضربة قاصمة للقطاع.
وأدى الإضراب إلى توقف العمل بجميع استوديوهات هوليود، ومَنعِ الممثلين من القيام برحلات وحضور عروض ترويجية لأفلامهم في المهرجانات الدولية مثل مهرجان “تورنتو” المقرر عقده الفترة من 7 -17 سبتمبر/أيلول القادم ومهرجان “فينيسيا” المزمع عقده الفترة من 30 أغسطس/آب حتى 9 سبتمبر/أيلول المقبلين.
كما أدى الإضراب إلى عدم تمكن الممثلين من حضور حفلات إطلاق العروض الجماهيرية للأفلام.
وتستعين النقابة أحيانا بالنجوم والعاملين وذوي الخبرة في مواجهة الأزمات، وخلصت إلى الاستعانة بنجم أفلام المحركة كروز الذي يخوض مفاوضات مع الطرفين منذ ما يقرب من 6 أسابيع على أمل وقف “نزيف الخسائر الهوليودية”.
وحذر كروز نقابة ممثلي الشاشة الأميركية، لفناني التلفزيون والراديو، من التأثير المحتمل للإضراب على سوق دور السينما التي لا تزال تتعافى من الركود الناجم عن جائحة كورونا.
ويعد كروز نفسه واحدا من الذين أدى الإضراب إلى الإضرار بأعمالهم، وقد توقف بالفعل عن الترويج لفيلمه الجديد “المهمة المستحيلة- الجزء الأول من الحساب الميت” (Mission: Impossible – Dead Reckoning Part One) الذي حصد 80 مليون دولار في شباك التذاكر المحلي منذ بدايته الأسبوع الماضي، وسيتوقف إنتاج المملكة المتحدة بالجزء الثاني من الفيلم.
وينتشر الممثلون يوميا حول استوديوهات هوليود في لوس أنجلوس في حالة إضراب عن العمل، ويُتوقع أن يسبب خسارة تصل إلى مليارات الدولارات لصناعة السينما والتلفزيون داخل وخارج هوليود.
وقد أعلن عدد من كبار نجوم هوليود عن دعمهم للإضراب وبينهم جورج كلوني ومات ديمون ومارغوت روبي وجيريمي رينر وجيمي لي كورتيس.
وكانت الأزمة قد نشأت بين الاتحاد -الذي يضم كتاب السيناريو والفنانين- على خلفية استعانة استوديوهات هوليود بالذكاء الصناعي، وهو ما يُتوقع معه الاستغناء عن العديد من أعضاء الاتحاد الذي يبلغ عددهم 160 ألف كاتب وممثل.
ويعد الإضراب الهوليودي بمثابة “كابوس” لمنظمي المهرجانات التي تعقد الخريف القادم، وأيضا لمنتجي الأفلام المقرر عرضها خلال الأشهر المقبلة، خاصة بعد فشل الجولة الأولى من مفاوضات التعاقد بين نقابة الممثلين (SAG-AFTRA) و”تحالف منتجي الصور المتحركة والتلفزيون” (AMPTP) التي انتهت الأسبوع الماضي.
ولن تتوقف الخسائر الناتجة عن إضراب هوليود على الإنتاج الفني في الولايات المتحدة الأميركية وحدها، ولكنها ستمتد إلى خارج الحدود.
ويعد مهرجان تورنتو السينمائي الدولي واحدا من الفعاليات المرشحة لخسارات كبيرة، فبينما تجرى الاستعدادات لانطلاقه، فإن أيا من فرق عمل الأفلام المزمع ترويجها بحفلاته لا يستطيع أن يؤكد حضوره، حيث يفرض اتحاد النقابات على أعضائه عدم حضور ترويج الأفلام في حالة الإضراب.
وحسب تقرير نشر على موقع “سي بي سي” (CBC) الكندي، قال مسئولون في مهرجان تورنتو إن تأثير الإضراب “لا يمكن إنكاره”.
ويؤكد إريك تيش، مدير البرمجة بمؤسسة “رييل كندا” “REEL Canada” -وهي منظمة غير ربحية مكرسة لعرض الأفلام الكندية بالمدارس- إن المهرجان الخالي من النجوم لا يمكن أن يبرر التكلفة العالية لفعالياته، بينما يشير منتج الأفلام الكندي مارتن كاتز إلى أن ما يحدث بهوليود سيؤثر على الحماس للمهرجان الكندي إذا استمر في سبتمبر/أيلول القادم.
وكان مدير مهرجان فينسيا السينمائي الدولي ألبرتو باربيرا قد أكد في تصريحات صحفية استعداده بما أطلق عليه الخطة (ب) في حالة نقص النجو المزمع سفرهم إلى فينسيا لترويج افلامهم، وقال “دعونا نكون مستعدين لأي شيء ولا نأخذ أي شيء كأمر مسلم به”.
وطلب مدير المهرجان من المبرمجين اعتبار الدورة 80 من الحدث “مهرجانا أوروبيا خالصا”.
ولم يصل باربيرا إلى مرحلة اليأس التام من حل الأزمة وتوقف الإضراب، حيث قال مستدركا “دعونا نحاول معرفة ما ينوي المنتجون والمخرجون الأميركيون فعله، وسنكون جاهزين بالخطة (ب)”.
ويعتمد مهرجان فينسيا بشكل كبير على وجود مواهب هوليودية وخاصة بالدورة المقبلة مثل “زيندايا” المطربة والممثلة الأميركية وبطلة فيلم الافتتاح “المتحدون” (Challengers) للمخرج الإيطالي لوكا غواداغنينو، وهي نجمة حفل افتتاحها، إلا أن استمرار الإضراب سيحول دون حضورها.
ويؤكد غواداغنينو، الذي يعمل حاليًا بين إيطاليا وفرنسا على فيلم جديد “علينا أن نفهم ما يريد المنتجون القيام به، ثم نقرر كيف نمضي للأمام”.