فيلم “حياة الماعز” المعروض على منصّة نتفليكس مأخوذ عن رواية لكاتب هندي، مستوحاة من قصة حقيقية عن شاب هندي سافر للعمل في السعودية، ليستعبده كفيل أجبره على العمل في ظروف غير إنسانية وسط الأغنام في وسط الصحراء، فعاش هناك ثلاث سنوات، وعامله الكفيل بشكل غير آدمي بدون أي حقوق، كحياة الماعز.
ملحوظة في الفيلم المبالغة والمط والتطويل (مثل معظم الأفلام الهندية). وانتقد نقادٌ فيه ضعف الحبكة الدرامية في بعض المواقف رغم الإنتاج الضخم، ولكن رد الفعل الأضخم، وساهم في الشهرة الأكبر للفيلم، ردود الفعل عليه المتشنجة في السعودية وغيرها. وقيل إن القصة المأخوذ عنها الفيلم مفبركة من الأساس، وفيه مبالغات، واعتبروه إساءة مقصودة للمملكة، وتشويها متعمّدا لها. الأمر الذي قال بصدده مخرج الفيلم، بليسي توماس، إن العمل لا يقصد الإساءة للمملكة، وإنه يعبر عن قصة حقيقية، وربما تمثل حالة فردية، وليست بغرض التعميم على المملكة أو دول الخليج عموما. وصرّح الفنان العُماني، طالب محمّد، الذي أدّى دور تاجر الأغنام والكفيل الجشع، بأنه غير نادم على المشاركة في الفيلم، الذي يعبّر عن قصة حقيقية، ولم يقصد به الإساءة لأحد، كما عبر الفيلم عن مشكلة قديمة، آن الأوان للتفكير في حلها، في إشارة إلى نظام الكفيل السائد في دول الخليج.
العامل الوافد لا يستطيع مغادرة البلاد بدون موافقة الكفيل، وقد تتأخّر تلك الموافقة سنوات بدون سبب واضح
يذكّر “حياة الماعز” كاتب هذه السطور بخبر نشرته الصحف المصرية عام 2016، عن العثور على هيكل عظمي داخل بدلة غطس لشاب على شواطئ جزيرة تيران (المصرية) التي تنازلت عنها السلطة الحالية للسعودية، وبعد التحقيقات، تبيّن أن الجثة كانت لشاب مصري سافر إلى السعودية هرباً من الفقر والبحث عن فرصة عمل أفضل، ليؤمن مستقبل طفلته. وروت والدته أنه ظل يعمل في المملكة في مجال التشطيبات ثمانية أعوام، ثم اختلف في العمل مع الكفيل الذي منعه من العودة إلى مصر، فقرّر الهرب من المملكة، سباحة وغوصاً، ويبدو أن الأمواج جرفته، أو حدث أمر ما، فغرق، ليتم العثور على جثته هيكلاً عظمياً داخل بدلة الغطس بعد أشهر.
تصف منظمة هيومن رايتس ووتش نظام الكفالة بأنه مسيء، يعرّض العمالة الوافدة للاستغلال والحرمان من الحقوق، فالكفيل هو من لديه سلطة التأمين على العمالة، ومنح تصاريح العمل أو منعها، وأن صاحب العمل يستطيع منع العامل من الانتقال إلى عمل آخر أو شركة آخرى أو مجال مختلف، كما أن من سلطة الكفيل اعتبار العامل هارباً، وهنا قد يتم اعتقاله وسجنه وترحيله، بإلإضافة أن العامل الوافد لا يستطيع مغادرة البلاد بدون موافقة الكفيل، وقد تتأخّر تلك الموافقة سنوات بدون سبب واضح، وقد يخفي الكفيل جواز السفر، فيؤدّي ذلك إلى هروب العمّال بدون وثائق.
تصف “هيومان رايتس ووتش” نظام الكفالة بأنه مسيء، يعرّض العمالة الوافدة للاستغلال والحرمان من الحقوق
بالإضافة إلى القضايا الأخرى المثارة بشأن فكرة المساواة بين البشر، فالوافد لا يستطيع الوصول إلى كل المناصب، مهما كانت درجة تميزه أو عبقريته أو تفانيه في العمل، وإن سُمح له بالوصول إلى منصب عال استثنائياً، فبالطبع لا يتقاضى مثل أجر صاحب الجنسية الأصلية أو الكفيل. وهذا لا يوجد في أوروبا أو الولايات المتحدة، فبالرغم من النعرة اليمينية العنصرية المتزايدة إلا أن المهاجر في أوروبا أو أميركا يمكنه الحصول على الحقوق الوظيفية والقانونية نفسها، والراتب والامتيازات للمواطنين في الدولة أيضا، وأيضا يسهل الحصول على الجنسية بعد فترة أو ببعض الشروط.