في أوائل تسعينيات القرن الماضي، قرر ويل سميث أنه سيصبح “أكبر نجم سينمائي في العالم”. كان وجهاً مألوفاً في المسلسل الكوميدي الشهير “ذا فريش برنس أوف بيل-إير” The Fresh Prince of Bel-Air كما حقق نجاحاً في مجال موسيقى الراب. جلس سميث حينها مع مدير أعماله، جيمس لاسيتر، وبدآ في وضع استراتيجية مُحكمة. قاما بتحليل بيانات أفلام هوليوود الأكثر نجاحاً، وخلصا إلى معادلة دقيقة للنجاح في شباك التذاكر، مبنية على عوامل مشتركة. قال سميث: “كانت هناك دائماً مؤثرات خاصة، ومخلوقات، وقصة حب. لذلك بدأنا بالبحث عن أفلام تحتوي على مؤثرات خاصة، ومخلوقات وقصة حب”. وتمكنا من العثور على ضالتهما في أفلام مثل “يوم الاستقلال” as Independence Day “رجال البزات السوداء”Men in Black، و”أنا، روبوت” I, Robot. ونجحت خطتهما بامتياز.
بمعنى آخر، يجب أن تكون مغفلاً لتشكك في قدرة ويل سميث. هذا النجم الآتي من فيلادلفيا البالغ من العمر 55 سنة يعرف صناعة هوليوود من الداخل والخارج، ويدرك القوة الفريدة والجذابة التي يتمتع بها من يستطيع جعل الناس يحبونه ببساطة. في عام 2022، بعدما صعد سميث إلى منصة جوائز الأوسكار وصفع كريس روك على وجهه، بدأ الناس يتساءلون عما إذا كانت مسيرته الفنية قد انتهت. للحظة وجيزة، بدا ذلك ممكناً. تخلت شبكة “نتفليكس” عن فكرة إنتاج نسخة جديدة من الفيلم الكلاسيكي “سريع وغير منضبط” Fast and Loose كان من المفترض أن يلعب سميث بطولته. بينما تعرض فيلم “انعتاق” Emancipation، الدرامي الذي كان أحد أكثر أعمال سميث المنتظرة لتجاهل كبير عندما عرض على منصة “آبل تي في بلس” في ديسمبر (كانون الأول) من العام ذاته.
لكن مع مرور الوقت، تغيرت الأمور. شهد يوم الجمعة الماضي إصدار فيلم عودة ويل سميث: “فتيان أشقياء: انضم أو مُت” Bad Boys: Ride or Die وهو الجزء الرابع من سلسلة أفلام رجال الشرطة الأصدقاء التي بدأت في عام 1995، حيث يتشارك سميث البطولة مع مارتن لورنس. خلال عطلة نهاية الأسبوع، حقق الفيلم إيرادات بلغت 104.6 مليون دولار (82.2 مليون جنيه استرليني) في شباك التذاكر العالمي، وهو رقم تجاوز التوقعات بشكل كبير، ما جعله واحداً من أضخم أفلام العام. حتى أن الفيلم حوّل حادثة “صفعة الأوسكار” إلى نكتة، حيث تتلقى شخصية سميث سلسلة من الصفعات المتلاحقة من شريكه لإخراجه من نوبة هلع. هل كان ذلك قبل أوانه؟ بالكاد. من الواضح أن الجمهور قد غفر لسميث فعلته العنيفة العلنية. وحان الوقت أن تفعل هوليوود الشيء نفسه.
لأكون صريحاً، ففكرة أن مشكلات سميث بدأت وانتهت بتلك المواجهة المصيرية مع كريس روك لطالما كانت مجرد تبسيط للأمور. إنها تناسب سردية “غلطة الشاطر بألف”: في ليلة انتصاره الأعظم – فوزه بجائزة الأوسكار التي طالما سعى إليها، وبلوغه قمة مسيرته المتألقة – أضاع سميث كل شيء في لحظة. لكن الحقيقة أكثر تعقيداً من ذلك. ففوزه بالأوسكار عن دوره كريتشارد ويليامز، والد أسطورتي التنس فينوس وسيرينا، في فيلم السيرة الذاتية “الملك ريتشارد” King Richard كان نتيجة أداء قوي في فيلم لم يكن على مستوى الأوسكار. مما يمثل تتويجاً لفترة كانت فيها خيارات سميث الإبداعية تتراجع بشكل مطرد منذ ذروته في “بيل إير”.
متى كان آخر فيلم رائع لويل سميث؟ فيلم “رجل الجوزاء” Gemini Man الصادر عام 2019 للمخرج آنغ لي كان طموحاً ومليئاً بالمؤثرات الخاصة، لكنه كان معيباً بشكل كبير. فيلم الجريمة الخفيف والمليء بالتقلبات الدرامية “تركيز” Focus (2015) كان ما بين “رائع” و”مقبول”. أما الجزء الثالث من “رجال البزات السوداء” فكان جيداً، ولكنه لم يصل إلى مستوى الفيلم الأصلي. ربما في عام 2007 كانت آخر مرة شعر فيها سميث بأنه لا يقهر كنجم سينمائي. كان فيلم “أنا أسطورة” I Am Legend الذي حقق نجاحاً كبيراً، يعرض في دور السينما، وكاد سميث يفوز بجائزة الأوسكار عن دوره في فيلم “البحث عن السعادة” The Pursuit of Happyness – الذي أكسبه ترشيحه الثاني بعد فيلم “علي” Ali قبل خمس سنوات. حقيقة أن سميث وافق على المشاركة في جزء جديد من فيلم “أنا أسطورة” (على رغم وفاة شخصيته في نهاية الجزء الأول) لها دلالات كثيرة.